بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 11 يوليو 2015

بعضا من تاريخ المعرفة حول التوازن الحمضي القلوي في الدم

    لعبت  حالة الحماض الكيتوني السكري (diabetic ketoacidosis)، وهي احد مضاعفات مرض السكري الحادة الخطيرة ، دورا رئيسيا في تطور المعرفة الطبية حول التوازن الدقيق بين حمضية وقلوية الدم او ما يعرف باسم التوازن الحمضي القلوي (Acid–base balance) الذي يدعى ايضا باسم الثبات الحمضي القلوي ( Acid–base homeostasis) للدم.

Minkowski.JPG
صورة اوسكار مينكوفسكي
منسوخة عن هذا الرابط
        ففي العام 1883 لاحظ العالم ستادلمان ( Stadelmann ) في تجاربه الخاصة ان نوع وسرعةالتنفس عند ارانب اجريت عليها بعض التجارب للمرة الاولى  بواسطة والتر ( Friedrich Walter) يشبه التنفس عند مرضى السكري في مراحلهم الخطيرة التي نعرفها اليوم باسم الحماض الكيتوني السكري. وكان "والتر"  قد ادخل حمض الهيدروكلوريك الى معدة الارنب، بواسطة انبوب سنة 1877، ولاحظ نقص مستويات غاز ثاني اكسيد الكربون في دم الارنب التي اجريت عليه التجربة. بعد ذلك لاحظ  مينكوفسكي ( Oscar Minkowski ) في سنة 1884 بان مرضى الحماض الكيتوني السكري يعانون ايضا من نقص في مستويات ثاني اكسيد الكربون في دمائهم مثلما هو الحال مع ارانب والتر، ومن هنا وصل الى نتيجة بان هذه الحالة الخطيرة هي نتيجة لحموضة الدم وتوصل الى افتراض امكانية علاجها باستخدام بيكربونات الصوديوم (sodium bicarbonate) لمعادلة حمضية الدم.
   
     و في العام 1909 لاحظ هندرسون (Henderson) ان تادية الدم لوظائفه الطبيعية يعتمد  على وجود توازن بين حمض الكربون (carbonic) في و القواعدالعضوية (organic)الاخرى المتواجدة في الدم، كما ادخل "سورنسن" ( Sorensen ) في نفس السنة (Fores-Novales, et al. 2015) فكرة  بالـ "باء هاء" ( pH )، التي استخدمها هاسل باخ (Hasselbalch ) لقياس التوازن المذكور ( Severinghaus & Astrup 1985). ونحن نعرف حاليا بان التغيرات في التوازن الحمضي القلوي في الدم له نتائج خطيرة جدا على الصحة قد تؤدي الي الموت بشكل سريع ودرامي.
صورة فان سليكه في المنتصف
منسوخة عن هذا الرابط
       وبين السنوات الممتدة من 1914 وحتى 1930 تابع بعض العلماء ملاحظات هندرسون ، وعلى رأسهم الكيميائي " دونالد فان سليكه" (Van Slyke) و اخرون . وقد اتضح لهؤلاء ان حمض الكربون في الدم -المنتج من غاز ثاني اكسيد الكربون الناتج من عملية التنفس - يقوم بتحويل كل القواعد المعدنية الغير طيارة (non-volatile) السائبة  في الدم - أي التي لم تتفاعل بعد مع الاحماض المعدنية- الي بيكربونات (bicarbonate)، موضحين بهذا للمرة الاولى بان مخزون البيكربونات في الدم هو المخزون الاسترايتجي (alkaline reserve) الهادف للحفاظ على التوازن الحمضي القلوي في الدم، كما بينوا ان مستويات هذا المخزون الاستراتيجي من البيكربونات يكون ثابتا في الحالة الطبيعية (Aiken, et al. 2013 ).


        وبهذا اتضح ان النقص في مستويات البيكربونات في الدم هي مقياس جيد لمستوى حموضة الدم (acidosis) الناتج عن الافراط في انتاج الاحماض العضوية في الجسم، او عدم القدرة على التخلص من هذه الاحماض بشكل مرضي. كما تبين بان تزويد الجسم بالبيكربونات يرفع مستويات البيكربونات المنخفضة في الدم لكنه لا ينجح في في التقليل من مستوي التخلص من الاحماض عن طريق البول (urine acid excretion) في حالات الحماض الكيتوني السكري . ومن كل هذا اتضحت حقيقة ان غاز ثاني اكسيد الكربون (pCO2) في الدم يدفع الكلوريدات (chloride) للعودة من الدم الى الخلايا، وبهذا يرفع من مستوى قلوية الدم. وبهذه الاكتشافات تم ترسيخ المفهوم المعروف حاليا، بان لهذه العناصر التي ذكرت تاثير على مستوى حموضة الدم التي نقيسها بما يعرف بـ "الباء هاء" (pH ) ، وهي التي تشكل الاساس لما يعرف بالتوازن الحمضي القلوي في الدم الذي ينجح في حالة الصحة في الحفاظ على باء هاء الدم بين 7.38 الي 7.42. 

______________________________________________
Copyright© 2015 by Ahmed Abdulsalam Ben Taher
حقوق النشر محفوظة © 2015 للمؤلف أحمد عبد السلام بن طاهر





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق